مكتبة نوبل السورية…وداعاً
سامي مروان مبيّض (دمشق، 21 أيلول 2021)
منذ يومين، أعلن القائمون على مكتبة نوبل، الواقعة مقابل فندق الشّام وسط العاصمة دمشق، بأنها ستُغلق أبوابها إلى الأبد. منذ سبعينيات القرن الماضي، كانت هذه المكتبة معلماً ثقافياً في دمشق، ولها فضل على ملايين الناس الذين اقتنوا منها كتباً زادت من جمالية بيوتهم ومن معرفتهم ومعرفة أولادهم من بعدهم. كان قرار الإغلاق قراراً مؤلماً بالنسبة لهم وللكثير من رواد مكتبهم، ولكنه كان متوقعاً.
لا تلوموا أصحاب المكتبة أبداً، فمن لم يُجرب الكيّ لا يعرف مواجعه، ويلهُ من كيّ تعرض له جميع أصحاب المكتبات في السنوات القليلة الماضية. الناس اليوم تفضل القراءة السريعة على هاتفها الذكي، ولم تعد تهتم بقراءة الكتب، ناهيك عن سعر الكتب (وخصيصاً تلك الصادرة في لبنان ومصر) وتكلفة إنارة وتشغيل وتدفئة المكتبات. وكم من مرة رأيت فيها “زبائن” يفاوضون أصحاب المكتبة على سعر الكتب، وكأنها جرزة نعنع أو كيلو خيار. وكم من مرة سمعتهم يقولون: “هذا الكتاب ممنوع…وهذا الكتاب نافذ…وهذا الكتاب لم نطلبه لأنه غالي الثمن.”
تُضاف مكتبة نوبل إلى سلسلة من المكتبات الشهيرة التي أغلقت أبوابها في السنوات القليلة الماضية، مثل “ميسلون” المجاورة لمكتبة نوبل ومكتبة اليقظة عند مقهى الكمال، التي أصبحت محلاً لبيع الأحذية، أو مكتبة الذهبي في الشعلان التي تحولت إلى محل بيع فلافل. لا أعرف كمية المقاهي في دمشق اليوم، ولكنها وبالتأكيد تفوق عدد المكتبات بأضعاف مضاعفة.
فقد أصبحت مدينتنا اليوم، دمشق التي كانت قبلة للكتاب والناشرين في زمن مضى، أصبحت معقلاً للنراجيل، لا للكتب. فلا فرق بينهما، كما قال دريد لحام في مسرحية ضيعة تشرين: “هاد بليرة وهي بليرة…والأركيلة ما بتودي عالحبس بس الكتاب بيودي، وياما كتب وأفكار ودت أصحابها على المشنقة.”
شكراً للأخ ادمون، فقد كنت صديقاً لي في أيام المراهقة، وعندك قرأت روائع نزار، من “قالت لي السمراء” و”سامبا” وصولاً إلى “بلقيس” و”الرسم بالكلمات.” وعندما كبرت ودخلت الجامعة أصبحت مصدري الرئيسي عن تاريخ سورية الحديث، ومنك اقتنيت مذكرات خالد العظم وأوراق فارس الخوري وخطابات شكري القوتلي. ثم دارت بنا الأيام لتصبح مكتبتك مركزاً لبيع مؤلفاتي في دمشق (الطبعات الأصلية منها وليست المقرصنة). بذلك، لك أفضالٌ ثلاث في حياتي…لن أنساها أبداً.
في أيام الحرب العالمية الثانية، أصدرت الحكومة البريطانية تعليمات بضرورة إبقاء جميع المسارح والسينمات والمكتبات مفتوحة أمام الناس، لكي يحافظ اللندنيون على توازنهم النفسي والفكري في ظلّ تساقط القنابل الألمانية اليومي عليهم وعلى مدينتهم. فهل من أحد مهتم بالحفاظ على توازننا النفسي والفكري، نحن سكان دمشق؟
***
تحياتي سيدي الفاضل،
كنت أتمنى لو أنني تعرفت على كتاباتك سابقاً، وأتمنى أن اتعرف عليك شخصيا في القريب.
ان ما تكتبه ليس جميلا فقط ولكنه موضوعيا، لقد سلطت الضوء على العديد من القضايا التي اهتم بها شخصياً كقضية الماسونية واليهود في دمشق. وقد كان لي شرف قراءة هذه الكتب بعد أن وجدتها في المكتبات العامة في مدينة سيدني، وخاصة كتاب :”غرب كنيس دمشق” بعد أن قدم له الدكتور سامي كليب حول أهمية هذا الكتاب. وكانت متعتي الكبيرة عندما وجدت هذا الكتاب على رفوف المكتبة، فسارعت إلى أخذه وقراءته خلال يومين. كان جميل جدا أن أقرأ هذا الكتاب وأن اتزود بهذه المعرفة عن هذه القضية التي سلطت الضوء عليها.
في الحقيقة أنا مهتم جدا بالكتاب الورقي، لآني استمتع برائحة الكتب، وأتمنى في وقت قريب أن أحصل على هذه الكتب وأن اضعها بين الكتب على رفوف مكتبتي الخاصة. ولا اخفيك سراً اني ان وجدت كتاباً على النت، اسارع لطباعته لاستمتع بملمس الورق.
أتمنى إذا كان بإمكاني المساهمة في هذا المشروع الذي تقوده.
قضية أخرى أحب أن تتناولها، أما في مقالاتك او في كتاب. أنا أعرف مدى التأثير السوري ومدى تاثير بلاد الشام في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ولكن للأسف هناك بعض الأخطاء الشائعة التي يتم تداولها، منها على سبيل المثال:” أن أول مطبعة كانت في لبنان، وقد أتى بها الموارنة، ولكني من خلال البحث اكتشفت أن المطبعة الأولى كانت في سوريا وليس في لبنان. بالدرجة الثانية هناك موضوع الحرف الأبجدي، الذي يقال ان جبيل، ولبنان، هم مصدر الحرف إلى العالم، ولكن أيضا من خلال معرفتي البسيطة والمتواضعة جدا، أن الحرف كان في اللاذقية ولهذا يسمى حرف اوغاريت. اتمنى أن يسلط الضوء على هذه القضية من أجل كشف الحقائق وهذا التزييف التاريخي.
في الحقيقة أنا من مواليد لبنان ولكنني أحمل الجنسية السورية، واعتز بسوريتي. لكنني لا أحب هذا التميز وهذه الفوقية التي يتصرف فيها بعض اللبنانيين، والتزوير للحقيقة وتزوير التاريخ.
كل الود والعرفان لجهودك الكبيرة