الاغتيالات ومحاولاتها في أميركا… من لنكولن إلى ترمب
سامي مروان مبيّض (المجلة، 14 تموز 2024)
محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب فشلت، واقتصرت الأضرار على جرح في أذنه. لم تكن الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، ولكنها من المرات القليلة جدا التي يتعرض فيها مرشح رئاسي لمحاولة اغتيال. حدث شيء مشابه مع الرئيس ثيودور روزفلت أثناء سعيه للعودة إلى الحكم سنة 1912، ولكنه نجا كما نجا ترامب. أما المرشح الديمقراطي روبرت كينيدي، فكان مصيره الموت عندما أطلق عليه المواطن الفلسطيني سرحان سرحان النار في مطبخ فندق الامباسادور في مدينة لوس أنجلوس، يوم 5 يونيو/حزيران 1968. وهناك رؤساء تعرضوا لمحاولات اغتيال عدة، نجوا منها ولكن الحظ لم يحالفهم حتى النهاية وكان مصيرهم النهائي القتل، مثل أبراهام لينكولن وجون كينيدي. تستعرض “المجلة” كل الاغتيالات الرئاسية في أميركا، ومحاولات الاغتيال التي لم تنجح منذ ولادة الجمهورية حتى اليوم.
الاغتيالات
الرئيس إبراهام لينكولن، اغتيل أثناء حضوره مسرحية ابن عمنا الأميركي على مسرح فورد بواشنطن يوم 14 ابريل/نيسان 1865، وكان القاتل جون وايلكس بوث ممثلاً معروفاً وأحد الانفصاليين الذين هزموا على يد الحكومة الاتحادية في الحرب الأهلية الأمريكية. الخطة كانت تقضي باختطاف الرئيس وتبادله مع جنود انفصاليين معتقلين من الجيش الكونفدرالي المنحل. ولكن بوث قرر قتله بعد أعلان لينكولن عن عزمه السماح للأميركيين السود بالتصويت في الانتخابات. دخل المقصورة الرئاسية وأطلق النار على رأس لينكولن من الخلف، ما أدى إلى وفاته بعد يوم.
الرئيس جيمس غارفيلد، اغتيل في محطة القطار يوم 2 يوليو/تموز 1881، بعد أقل من أربعة أشهر على دخوله البيت الأبيض. فقد قابله الكاتب شارل غيتيو بعيارات نارية، أصابت الرئيس في كتفه وظهره، وبقي طريح الفراش طيلة 79 يوماً، قبل أن يفارق الحياة في 19 سبتمبر/أيلول 1881. اعتقل الجاني وأثناء محاكمته قال إنه قتل جيمس غارفيلد لأنه لم يعينه سفيراً في فرنسا. أعدم القاتل شنقاً في يونيو/حزيران 1882.
الرئيس ويليام ماكنلي، اغتيل أثناء حضوره معرضاً كبيراً في مدينة بوفالو في ولاية نيويورك، يوم 6 سبتمبر 1901، عندما أطلق عليه القاتل الرصاص وأصابه في البطن. كان الجاني عاملاً فقيراً وثائراً على الأغنياء والسلطة، اعتقل وحكم عليه بالإعدام على الكرسي الكهربائي. أما الرئيس ويليام ماكنلي، فقد توفي متأثراً بجراحه يوم 14 سبتمبر 1901، ومن بعدها وجه الكونغرس الأميركي بتخصيص حماية أمنية مشددة لكل الرؤساء.
الرئيس جون كينيدي، تعد حادثة اغتياله هي الأشهر في تاريخ أميركا، يوم أطلق على موكبه النار في مدينة دالاس بولاية تكساس في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1963. كان راكباً سيارة سوداء مشكوفة مع زوجته، يلوح للناس مبتسماً عندما أصابته الرصاصات في الرأس والظهر، وخرجت من حلقه. اعتقل القاتل المنشق عن الجيش لي هاري أوزوالد، وعند إدخاله إلى مقر شرطة دالاس للتحقيق، أغتيل على يد رجل يدعى جاك روبي، صاحب ملهى ليلي في دالاس. قال روبي إنه قتل أوزوالد انتقاماً للرئيس جون كينيدي، وتوفي في السجن سنة 1967.
أما عن محاولات الاغتيال، فقد تنوعت أساليبها ما بين الرصاص والطعن والرسائل المفخخة:
الرئيس أندرو جاكسون، تعرض لمحاولة اغتيال على مدخل بناء الكابيتول يوم 30 يناير/كانون الثاني 1835، عندما أطلق عليه الرسام ريتشارد لورانس النار من مسدسين، لكنه لم يصبه. ضربه الرئيس جاكسون بالعصا على رأسه، وبعد معاينته قيل إنه مجنون ونقل إلى مستشفى الأمراض العقلية حتى وفاته سنة 1861.
الرئيس أبراهام لينكون، تعرض لمحاولة اغتيال قبل تسلمه الحكم وبعد انتخابه رئيساً، يوم 23 فبراير/شباط 1861. عند مروره في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند، أطلق عليه عيارات نارية من مصدر مجهول، وقيل إن محاولة الاغتيال كانت مفتعلة من فريقه الانتخابي. وفي أغسطس/آب 1864، تعرض لمحاولة اغتيال ثانية على يد قناص وهو خارج من البيت الأبيض، وحيداً دون حراسة. أما المحاولة الثالثة، فقد أودت بحياته سنة 1865.
الرئيس أبراهام لينكولن، تعرض لمحاولة اغتيال قبل تسلمه الحكم وبعد انتخابه رئيسا، يوم 23 فبراير/شباط 1861 عند مروره في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند
الرئيس ويليام هاورد تافت، تعرض لمحاولة اغتيال يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 1909، قبل اجتماعه مع نظيره المكسيكي بورفيريو دياز في منطقة حيادية على الحدود بين البلدين. عُثر على الجاني قبل أن يتمكن من إطلاق النار على الرئيس.
الرئيس ثيودور روزفلت، تعرض لمحاولة اغتيال شهيرة ودراماتيكية يوم 14 أكتوبر 1912، بعد ثلاث سنوات ونيف على خروجه من البيت الأبيض. كان ثيودور روزفلت مرشحاً للانتخابات الرئاسية المقبلة، وأثناء حملته الانتخابية في مدينة ميلواكي بولاية ويسكونسن، هاجمه جون شرانك، صاحب ملهى ليلي في نيويورك، وأطلق النار على صدره. أصابت الرصاصة نظارته الطبية المعدنية ومجموعة أوراق كان يحملها في معطفه، فأنقذت حياته. هاجم الناس القاتل وكادوا أن يشنقوه، لولا صياح روزفلت لهم بأن يتركوه للشرطة. وقف الرئيس وقال إنه بخير، ثم نهض إلى المنصة وهو ملطخ بالدم وألقى خطاباً مدته 84 دقيقة، قبل نقله إلى المستشفى. حاول مناصرو روزفلت استغلال محاولة الاغتيال لصالح حملته الانتخابية، ولكنه خسر السباق أمام المرشح الديمقراطي وودرو ويلسون. وأثناء محاكمة الجاني، ادعى أن الرئيس الأسبق ويليام ماكنلي زاره في المنام وطلب منه تصفية ثيودور روزفلت، فعدّ فاقداً للأهلية العقلية ونقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.
الرئيس هربرت هوفر، تعرض لمحاولة اغتيال قبل تنصيبه رئيساً في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1928. كان في جولة على دول أميركا الجنوبية عندما حاول ثائر أرجنتيني تفخيخ القطار الذي كان يستقله، ولكنه اعتقل قبل أن يفعل. ونقل عن الرئيس هربرت هوفر أنه مزق الصفحة الأولى من الصحف التي تداولت الخبر، كي لا تقرأها زوجته.
الرئيس فرانكلن روزفلت، تعرض لمحاولة اغتيال قبل سبعة عشر يوماً من تنصيبه في البيت الأبيض، يوم 15 فبراير 1933. أطلق عليه النار في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، ولكن القاتل لم يصبه وأصاب حاكم شيكاغو أنطون سيرماك. اعتقل الجاني، وهو ماجلر إيطالي واسمه غيوسيب زانغارا، وأعدم على الكرسي الكهربائي في 20 مارس/آذار من العام نفسه، بعد تداول أخبار بأنه كان مدفوعا من قبل المخابرات الخارجية الألمانية.
الرئيس هاري ترومان، تعرض لمحاولة اغتيال على يد متطرفين مؤيدين لإسرائيل منتصف 1947، أثناء المباحثات الدولية حول قرار تقسيم فلسطين. لم يعجبهم موقف هاري ترومان اللين من العرب – علمناً أنه كان مؤيدا لقيام دولة إسرائيل- فأرسلوا له طرداً مفخخاً، ولكن السلطات الأمنية تمكنت من إتلافه في غرفة بريد البيت الأبيض، قبل أن ينفجر. وفي الأول من نوفمبر 1950، تعرض ترومان لمحاولة اغتيال ثانية على يد مسلحين من بورتوريكو، حاولوا اغتياله في بلير هاوس مقر ضيافة البيت الأبيض. رد حراس ترومان النار وقتلوا واحدا من الجناة، واعتقل الآخر وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
الرئيس جون كينيدي، تعرض لمحاولة اغتيال قبل تسلمه الحكم، أثناء قضاء إجازته الشتوية في مدينة بالم بيتش في ولاية فلوريدا، يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 1960. مهندس العملية ريتشارد بافليك كان متطرفاً في كرهه للكاثوليك، وكان جون كينيدي أول رئيس كاثوليكي في أميركا. أراد بافليك تفخيخ سيارته وصدمها بسيارة الرئيس المنتخب، ولكنه تراجع بعد مشاهدة كينيدي مع أولاده. اعتقل بعد أيام قليلة وعد فاقدا للأهلية الذهنية، ووضع في مشفى الأمراض العقلية حتى سنة 1966. أطلق سراحه من بعدها وتوفي سنة 1975.
الرئيس ريتشارد نيكسون، تعرض لمحاولة اغتيال في 13 أبريل 1972. لكن موكبه كان أسرع من قدرة الجاني على إطلاق النار. تمكنت السلطات من التعرف عليه، واعتقلته بعد محاولة اغتيال ثانية نفذها ضد حاكم ولاية ألاباما سنة 1988. وفي 22 فبراير 1974، تعرض ريتشارد نيكسون لمحاولة اغتيال ثانية، يوم خطف صموئيل بايك طائرة للتحليق بها وصدمها في البيت الأبيض. أطلق النار على قبطان الطائرة وقتل أحد العاملين في قاعدة ماريلاند الجوية، قبل أن يتمكن أحد الضباط من إصابته إصابة بالغة. ولكنه أطلق النار على نفسه وتوفي قبل اعتقاله.
الرئيس جيرالد فورد، تعرض لمحاولة اغتيال في ولاية كاليفورنيا يوم 5 سبتمبر 1975، عندما أطلقت عليه سيدة تدعى لينيت فروم النار وهو يمد يده لمصافحتها وسط جمع من المؤيدين. ولكن الرصاص لم يخرج من المسدس، فتم اعتقالها وبقيت سجينة لغاية عام 2009. بعدها بأيام معدودة، تعرض الرئيس فورد لمحاولة اغتيال ثانية، عندما أطلقت عليه سارا مور النار في مدينة سان فرانسيسكو يوم 22 سبتمبر 1975. لم تصبه، وحُكم عليها بالسجن المؤبد قبل إطلاق سراحها سنة 2007، بعد سنة من وفاة جيرالد فورد.
الرئيس جيمي كارتر، تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة يوم 9 أكتوبر 1980، علي يد شخص لم يتمالك أعصابه لحظة إطلاق النار. وفي 5 مايو/أيار 1979، اعتقلت السلطات الأميركية مهاجراً مكسيكياً كان ينوي اغتيال جيمي كارتر قبل صعوده إلى المنصة لإلقاء خطاب في مدينة لوس أنجلوس.
الرئيس رونالد ريغان، تعرض لمحاولة اغتيال على مدخل فندق هيلتون واشنطن يوم 30 مارس 1981. كان خارجاً من الفندق عندما أطلق جون هينكلي النار على سيارته ست مرات. أصيب ريغان في ذراعه اليسرى، وفي رئته، ونقل إلى مستشفى جامعة جورج واشنطن بحالة حرجة. لكنه استعاد صحته بعد إجراء عملية جراحية وخرج من المستشفى في 11 أبريل. أصيب يومها أحد مرافقي الرئيس والسكرتير الصحافي في البيت الأبيض، الذي تعرض لأذية مزمنة في الدماغ جعلته مقعداً مدى الحياة. أما القاتل جون هينكلي، فقد قال إن دافعه للجريمة كان لفت انتباه الممثلة جودي فوستر إليه، بعد مشاهدة فيلمها سائق التاكسي. عدّ مجنوناً ونُقل إلى مستشفى الأمراض العقلية، حيث بقي لغاية عام 2016. أطلق سراحه نظراً لسلوكه الحسن، حيث كان يرسم في الحجرة ويساعد المرضى على تنمية مواهبهم، وهو حر طليق اليوم وله قناة رسمية على موقع “يوتيوب،” ينشر من خلالها أغاني وموسيقى من تلحينه وعزفه.
الرئيس جورج بوش الأب، تعرض لمحاولة اغتيال بعد خروجه من الحكم أثناء زيارته إلى الكويت في يناير/كانون الثاني 1993. اعتقلت مجموعة إرهابية قيل إنها تعمل لصالح المخابرات العراقية، كانت تنوي تفجير سيارة الرئيس السابق انتقاما لحربه على صدام حسين. ردت إدارة الرئيس بيل كلينتون بقصف مبنى المخابرات العراقية في بغداد، ثأراً للرئيس جورج بوش.
الرئيس بيل كلينتون، تعرض لمحاولة اغتيال في 29 أكتوبر 1994، يوم أطلق رجل الرصاص من سور البيت الأبيض، قبل إسقاطه من قبل مجموعة من المارة. وجد في معطفه رسالة انتحار وحُكم عليه بالسجن 40 سنة. وفي نوفبمر من العام نفسه أعلنت واشنطن أن أسامة بن لادن كان يخطط لاغتيال الرئيس بيل كلينتون، وبعدها بعامين، قيل إن السلطات الأمنية الأميركية أحبطت محاولة اغتيال خطط لها تنظيم القاعدة أثناء زيارة كلينتون إلى مدينة مانيلا الفلبينية. وفي أكتوبر 2018، وصل طرد مفخخ إلى زوجته المرشحة السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون، ولكنه أتلف قبل أن ينفجر. وبعد معاينة البصمات، تبين أنها تعود إلى مواطن أميركي من ولاية فلوريدا، اعتقل على الفور.
الرئيس جورج بوش الابن، تعرض لمحاولة اغتيال أثناء إلقائه خطابا في العاصمة الجورجية تبليسي يوم 10 مايو 2005. فقد ألقيت قنبلة يدوية باتجاهه من وسط الجمهور ولكنها لم تنفجر، وفي سنة 2022، اعتقل مواطن عراقي مقيم في أميركا بتهمة التخطيط لاغتيال جورج بوش الابن بعد سنوات من خروجه من الحكم.
الرئيس باراك أوباما، تعرض لمحاولة اغتيال بعد خروجه من الحكم، عن طريق رسالة سامة وصلته في أبريل 2013. أثناء ولايته الرئاسية، اعتقل رجل عربي كان يخطط لطعن أوباما أثناء زيارته إلى تركيا، وفي أكتوبر 2012، اعتقل رجل أميركي بعد اعترافه أمام طبيبه النفسي بأنه يخطط لاغتيال باراك أوباما.
***
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!