مطار بيروت: 6 اعتداءات وتاريخ حافل بالأزمات

سامي مروان مبيّض (المجلة، 27 حزيران 2024)

في 23 أبريل/نيسان 1954 افتُتح مطار بيروت الدولي في منطقة خلدة، على بعد تسعة كيلومترات من العاصمة اللبنانية وكان محط الأنظار والإعجاب بسبب جهوزيته العالية ومدرجاته، مع درجة عالية من الانتظام والنظافة ومقهى المسافرين في ردهته.

جاء ذلك تلبية للنهضة الاقتصادية الكبيرة التي شهدها لبنان في عهد الرئيس كميل شمعون، في وقت تنامت فيه السياحة والخدمات المصرفية في بيروت، ما جعلها تُلقب بسويسرا الشرق. قبلها كان في بيروت مطار صغير في منطقة بئر حسن جنوب المدينة أفتتح في عهد الرئيس إميل أده سنة 1938. وفي سنة 1945، أسس الزعيم اللبناني صائب سلام شركة طيران الشرق الأوسط، بالتعاون مع شركة BOAC البريطانية، لتكون رائدة بين شركات الطيران العربية وتربط بين بيروت وعواصم العالم كافة.

 

غيتي

رجال يقفون على بقايا طائرة بعد تعرض مطار بيروت للقصف في 9 يناير 1987

تعرض المطار لاعتداءات عدة منذ تأسيسه. ففي 5 أكتوبر/تشرين الأول 1970، قامت مجموعة من المسلحين الفلسطينيين بأخذ موظفي المطار رهائن لضمان عدم ترحيلهم من لبنان. وفي 28 أبريل 1973، زرع فصيل فلسطيني المتفجرات في مراحيض المطار للضغط على السلطات اللبنانية لإطلاق سراح ثلاثة فلسطينيين معتقلين في السجون اللبنانية.

 

أغلق مطار بيروت مرات عدة وخرج عن العمل مراراً لكنه حافظ على خدماته واسمه حتى صيف 2005، يوم تمت تسميته “مطار رفيق الحريري الدولي”

 

 

وقع المطار تحت سيطرة الميليشيات المتصارعة في زمن الحرب الأهلية اللبنانية، وفي 9 يونيو/حزيران 1985، اختطف منه توماس سثرلاند، عميد كلية الزراعة في الجامعة الأميركية في بيروت. وبعدها بأيام، اختطفت طائرة TWA أميركية من أثينا، وأنزلت في مطار بيروت، وكانت هناك محاولة مماثلة لاحتجاز طائرة كويتية في 24 فبراير/شباط 1982، وأخرى قبرصية يوم 7 فبراير 1985.

أغلق المطار مرات عدة، وخرج عن العمل مراراً ولكنه حافظ على خدماته واسمه حتى صيف عام 2005، يوم تمت تسميته بمطار رفيق الحريري الدولي، ليكون على غرار مطار شارل ديغول في فرنسا، ومطار أتاتورك في تركيا، وذلك بعد أشهر من اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005. يعود المطار اليوم إلى الواجهة بعد نشر صحيفة التلغراف البريطانية مقالاً قبل أيام، جاء فيه أن مطار بيروت أصبح هدفاً لإسرائيل لأنه يستخدم من قبل إيران لتزويد حزب الله بالذخيرة والسلاح. عدّ البعض أن توقيت المقال يأتي لتمهيد الطريق أمام إسرائيل لقصفه، وقد عادت “المجلة” إلى تاريخ مطار بيروت والاعتداءات المتكررة التي تعرض لها منذ نهاية ستينات القرن العشرين حتى اليوم:

العدوان الأول 1968

في ليلة 28 ديسمبر/كانون الأول 1968، تعرض مطار بيروت لأول عدوان في تاريخه من قبل إسرائيل، كان الأكبر والأعنف، وقد جاء رداً على هجوم وقع قبل يومين على طائرة إسرائيلية في أثينا، نفذته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الموجودة حينها على الأراضي اللبنانية. نُقل 64 عنصراً من الكوماندوس الإسرائيلي إلى لبنان، مع قوارب محملة بجنود إضافيين وصلت الشاطئ اللبناني لإجلائهم أو التدخل العسكري في حال تعرضهم لهجوم مباغت من السلطات اللبنانية.

قائد العملية كان الضابط الإسرائيلي رفائيل إتان الذي أصبح رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي أثناء اجتياح بيروت. أطلق 95 قنبلة دخانية لتعطيل رؤية برج المراقبة، وتقدم عناصره باتجاه المدرج الغربي لتدمير 12 طائرة تجارية تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط، وطائرتي شحن، قبل أن تأتي حوامات إسرائيلية لإجلائهم من مواقعهم. وتقول الأسطورة في إسرائيل إن رفائيل إتان وقبل خروجه من المطار، دخل إلى المقهى لتناول القهوة، ودفع ثمنها بالشيكل الإسرائيلي، قبل أن يرحل.

العدوان الثاني 1976

بعد عام على اندلاع الحرب الأهلية، تعرض مطار بيروت لقصف مجهول في 27 يونيو 1976، دمّر طائرة ركاب من طراز بوينغ 707 تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط وأدى إلى مقتل الكابتن زهير ميقاتي. اتهم يومها حزب الكتائب بالوقوف وراء العدوان منعاً لتزويد المقاتلين الفلسطينيين بالسلاح والذخيرة.

العدوان الثالث 1982

أثناء الاجتياح الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية، تقدمت القوات المحتلة باتجاه منطقة خلدة، التي كانت قد أصبحت مركزاً للمقاتلين الفلسطينيين وحلفائهم اللبنانيين، وفي 10 يونيو 1982 قصف الطيران الإسرائيلي مطار بيروت مجدداً ودمّر 6 طائرات تابعة لخطوط طيران الشرق الأوسط.

 

أف ب

طائرة تابعة لخطوط كردستان الجوية تحترق في مطار بيروت على أثر قصفه من قبل الجيش الإسرائيلي في 14 يوليو 2006

 

العدوان الرابع 1983

في 22 يوليو/تموز 1983، تعرض مقر المارينز الأميركي في مطار بيروت إلى قصف بالصواريخ، كان مصدرها ميليشيات درزية متحالفة مع حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية. جُرح يومها ثلاثة جنود أميركيين وأقفل المطار لغاية شهر سبتمبر/أيلول من العام نفسه.

العدوان الخامس 1983

في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1983، تعرض المطار لأكبر عملية منذ العدوان الإسرائيلي سنة 1968، يوم اقتحمت شاحنة مرسيدس محملة بخمسة آلاف كيلوغرام من المتفجرات وضربت مقر المارينز في مطار بيروت، ما أدى إلى مقتل 241 عسكرياً أميركياً، وقد جاءت هذه العملية بعد أشهر من الهجوم الانتحاري على السفارة الأميركية في بيروت يوم 18 أبريل 1983. كان المطار وحتى ذلك التاريخ يستقبل قرابة 35 رحلة يومية وقد بلغ عدد المسافرين فيه 2400 مسافر يومياً، ولكن كل الشركات العالمية توقفت عن استخدامه بعد ذلك.

العدوان السادس 2006

أثناء الحرب الأخيرة سنة 2006، قصف سلاح الجو الإسرائيلي مطار رفيق الحريري الدولي يوم 13 يوليو ودمر ثلاثة مدرجات، ما أخرج المطار عن الخدمة وأبقاه مغلقا حتى 17 أغسطس/آب من العام نفسه. وقد ردت حكومة إيهود أولمرت على الانتقادات التي طالتها بسبب قصف المطار وقالت إن إيران كانت تستخدمه لتزويد حزب الله بالسلاح والعتاد، وهي الحجة نفسها التي تتخذها إدارة خلفه.

***

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *