حين تفاجأت أم كلثوم في العراق
سامي مروان مبيّض – رصيف 22، لندن (24 أيلول 2023)
كانت أم كلثوم متخوفة مما ينتظرها في بغداد عندما وصلتها للمرة الأولى قادمة من القاهرة لإحياء أمسية طربية في تشرين الثاني/نوفمبر 1932. على الرغم من أنها جالت على الكثير من العواصم العربية في مرحلة متقدمة من مسيرتها إلا أنها وفي بداية العقد الثالث من القرن العشرين، لم تكن قد زارت إلا دمشق قبل أشهر، وفيها كانت تجربة قاسية يوم اعترضها بعض الشبان المتشدّدين على مدخل فندق أمية، وقاموا بشتمها ورشقها بنترات الفضة، وأضرموا النار في طرف ثوبها الأخضر الطويل، وصاحوا بغضب: “احتشمي يا ست،” علماً أن أم كلثوم، البالغة من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً حينها، كانت مُلتزمة دينياً ومحتشمة جداً مقارنة بمطربات ذلك الزمان، وكل زمان.
غضبت أم كلثوم من جمهورها السوري يومها ولم تعد إلى دمشق حتى منتصف الخمسينيات، وهو ما يُفسر توجسها من حفلتها الأولى في بغداد. صحيح أن الدعوة جاءت من الملك فيصل الأول شخصياً، ولكنه اعتذر عن الحضور لأسباب صحية (وتوفي بعدها بأقل من عام)، وهو ما زاد من تخوفها أن يحدث معها شيء مشابه لما حدث في سوريا.
صداقتها مع الأميرة عابدية
تفاجأت أم كلثوم بالحفاوة الاستثنائية التي تلقتها من الجمهور العراقي، وبقيت في العراق شهراً كاملاً، أحيت فيه 12 حفلة على “مسرح الهلال” في خان المدلل (الربع الشمالي من شارع الرشيد). تعرفت “الست” يومها إلى الأميرة عابدية بنت علي، التي كانت تصغرها بتسع سنوات، وولدت صداقة بينهما استمرت طويلاً. وفي ربيع العام 1941، استضافتها أم كلثوم في مصر عندما جاءت مع أميرات الأسرة الهاشمية للنقاهة. وعندما عادت الأميرة عابدية إلى الإسكندرية سنة 1944، برفقة الملك فيصل الثاني هذه المرة (حفيد الملك المؤسس)، خصص لهما الملك فاروق شاطئاً خاصاً، وكانت تزورهما فيه أم كلثوم بشكل يومي لتناول القهوة الصباحية معهما. أحبت أم كلثوم الملك الفتى الذي لم يكن قد تجاوز التاسعة من عمره، وكانت تمازحه دوماً وتقول إنها ستغني في عرسه عندما يكبر.
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!